هي شكوى متكررة وموسمية حين يشتكي كثير من الاردنيين من اسعار السياحة الداخلية مقارنة مع اسعار السياحة في دول الجوار مثل لبنان وسورية...
هي شكوى متكررة وموسمية حين يشتكي كثير من الاردنيين من اسعار السياحة الداخلية مقارنة مع اسعار السياحة في دول الجوار
مثل لبنان وسورية ومصر وتركيا. والشكوى هي اياها التي ترددها التقارير الصحافية على شاكلة "بسعر ليلة في البحر الميت اذهب الى سورية لاربعة ايام" و"يجب تحديد اسعار مخفضة ومدعومة للاردنيين في الفنادق والمنتجعات الاردنية" الى آخره
لبيان مدى عدل هذه الشكاوى المتكررة يجب بداية ابراز الحقائق التالية
صناعة الفنادق تتطلب كثافة عمالة وكثافة رأسمال. فعلى سبيل المثال معدل تكلفة انشاء فندق خمس نجوم على شاطئ البحر الميت يحتاج الى رأسمال ما بين اربعين الى ستين مليون دينار ناهيك عن القروض. كذلك فان تشغيل فندق مثل فندق ماريوت البحر الميت يتطلب وجود 560 موظفا
الاستثمار الفندقي هو في الاساس استثمار عقاري, فالعائد على رأس المال يكون قليلا في العادة ويعادل العائد على سند دين حكومي مثلا. وعليه فبناء الفنادق يكون استثمارا طويل الامد يقوم بالاساس على فرضية ان سعر العقار نفسه سيرتفع بمعدلات اعلى من معدلات التضخم
عند النظر الى نتائج بعض فنادق البحر الميت مثلا نجد نتائج ايجابية جدا. ففندق ومنتجع موفنبيك البحر الميت مثلا حقق ستة ملايين دينار كأرباح تشغيلية في 2009 من مجمل مبيعات تجاوزت 18 مليون دينار. كذلك فان فندق ماريوت البحر الميت حقق ربحا صافيا تجاوز 3.5 مليون دينار في 2009 (وهو رقم تقديري استنادا الى ميزانية الشركة المالكة للفندق)
ونعود الآن الى المقارنة مع السياحة في الدول المجاورة. الشكاوى من غلاء الاسعار مقارنة مع دول الجوار تغفل حقيقة مهمة وهي ان المقارنة تكون بين فنادق ومنتجعات الخمس نجوم في الاردن وبين اسعار المجموعات السياحية في فنادق ثلاث او اربع نجوم في شرم الشيخ او تركيا مثلا. فالاصل ان تكون المقارنة مع الاسعار في فنادق الخمس نجوم لتكون عادلة حيث ان الاسعار تكون متقاربة بين شرم الشيخ والبحر الميت مثلا في حالة المنتجعات المتشابهة
كذلك فان سعر الغرف للمجموعات السياحية القادمة يكون عادة ارخص من السعر للشخص المقيم وذلك كون سعر المجموعات السياحية يكون بسعر الجملة بسبب حجزهم لعدد كبير من الغرف لمدد طويلة مقارنة مع حجز غرفة او اثنتين لنهاية الاسبوع
الحقيقة ان فنادق ومنتجعات الرفاهية ذات الخمس نجوم في البحر الميت والبتراء والعقبة تشهد اقبالا ممتازا وتسجل نسب اشغال عالية وربحية جيدة. هذا الامر شجع على قيام استثمارات جديدة في فنادق الخمس نجوم مثل الهيلتون في البحر الميت والماريوت في العقبة. وبما ان الطلب عال لا يوجد حافز حقيقي لهذه الفنادق لتخفيض الاسعار او تخصيص اسعار مخفضة للاردنيين طالما انها تجد من الاردنيين من يملؤها كل نهاية اسبوع. كذلك فان فنادق البحر الميت الفارهة اضحت مطلوبة ايضا لسياحة المؤتمرات ذات الاسعار الاعلى من اسعار المجموعات السياحية
ما ينقص السياحة الداخلية في الاردن هو وجود عدد جيد من فنادق الثلاث نجوم في مواقع الاردن السياحية التي تقدم خدمات جدية بمهنية عالية لكن برفاهية اقل من فنادق الخمس نجوم. وبما ان تكاليف انشاء وتشغيل هذه الفنادق اقل من فنادق الخمس نجوم ستكون اسعارها اقل وتكون بمتناول الطبقة المتوسطة الاردنية حالها حال السياحة في سورية ولبنان ومصر وتركيا. عندها تكون المقارنة مع دول الجوار عادلة
ختاما فان فنادق شاطئ البحر الميت مثال حي على نظرية ان العرض يخلق الطلب. فما كان ساحلا قفرا قبل عشرين عاما اصبح نقطة جذب سياحي ومجمعا لفنادق تحقق مبيعات سنوية تتجاوز تقديرا 50 مليون دينار وتوظف اكثر من 1600 موظف.
وعليه فان انشاء فنادق من الفئة المتوسطة سيخلق على الاغلب الطلب الخاص بهذه الفنادق وهو ما سيكون مناسبا لتحفيز حركة السياحة الداخلية.
ليست هناك تعليقات