المعادلة سهلة: اعتمدنا لسنوات على الغاز الطبيعي الرخيص من مصر لتوليد الكهرباء. فانقطع تكرارا. فصرنا نولد الكهرباء من مصادراغلى بكثير ...
المعادلة سهلة: اعتمدنا لسنوات على الغاز الطبيعي الرخيص من مصر لتوليد الكهرباء. فانقطع تكرارا. فصرنا نولد الكهرباء من مصادراغلى بكثير (الديزل وزيت الوقود). ولم ترتفع اسعار الكهرباء بما يوازي زيادة الكلفة. فتحملت خزينة الحكومة فرق الكلفة على شركات توليد الكهرباء مثل شركة توليد الكهرباء المركزية. والاستمرار بهذا الوضع يعني خسائر اكبر تغطى كدعم حكومي يزيد المديونية والعجز. فاذن لا حل الا رفع الاسعار. بسيطة.
لكن لننظر بتعمق اكبر. هل الامور بهذ البساطة؟ ماذا عن السرقات؟ بحسب ارقام
هيئة تنظيم قطاع الكهرباء فقدت شبكات توزيع الكهرباء 12 بالمائة من الطاقة المنتجة. في
معظمها بسبب سرقات الكهرباء من الشبكة. وبحسب ارقام شركة الكهرباء الاردنية لعام
2011 بلغ عدد مشتركي الشركة 1022130 اشتراك كهرباء في عمان والزرقاء والسلط و مادبا والبقعة وهي المدن التي توزع بها. وبلغ
فاقد الشبكات (الفرق بين الطاقة المشتراة من شركات التوليد والطاقة المباعة) اكثر
من 13 بالمائة في 2011. وتقول الشركة انها اكتشفت 13475 حالى عبث في العدادات (يعني سرقة)
في 2011 بنسبة 1.3 بالمائة من مجموع الاشتراكات.
اذن فاقد الشبكات 13 بالمائة في 2011. لو خفضناه الى النصف بتفعيل القوانين
والمراقبة لقلت الكلفة الكلية ب 7بالمائة ولقل حجم الدعم الحكومي بضعف ذلك اي 14بالمائة (اي
اكثر من 140 مليون دينارسنويا!). ناهيك عن ان رفع الاسعار من دون معالجة جذرية
وحقيقية لمشكلة السرقات سيزيد حتما من حافز السرقة وربما يزيد من اعداد السارقين. فندخل
في حلقة مفرغة يدفع فيها المشتركون اسعار اكثر هي عمليا دعم لسارقي الكهرباء.
على صعيد متشابك يبقى الغاز الطبيعي هو الانسب لتوليد الكهرباء من ناحية
الكلفة والبيئة. لذلك يجب على الاردن المضي قدما في تامين طريق اخر للغاز الطبيعي
عن طريق ميناء العقبة لكي لا بيقى الاعتماد كليا على خط الغاز من مصر. وقد تحدثت
تقارير صحفية عن خطط لهكذا محطة في العقبة لاستيراد الغاز الطبيعي عبر السفن بكلفة
300 مليون دينار. وهو استثمار لا بديل له للاردن لضمان تعدد مصادر الغاز الطبيعي.
شعبيا رفع سعر الكهرباء مر وسيؤدي لا محالة الى موجة غلاء جديدة تزيد من
الاحتقان الشعبي. لو كنت مكان الحكومة لعملت على زيادة ثقة الناس بالادارة
الحكومية لهذا القطاع الحيوي قبل رفع الاسعار. ومنها هذه الاقتراحات:
-
مساعدة شركات توزيع
الكهرباء على محاربة مشكلة سرقة الكهرباء وتقليل الفاقد بشكل سريع. ويمكن في سبيل ذلك
زيادة اعداد ورش التفتيش مع توفير حماية لهم من الدرك او الشرطة. ويجب بزيادة
غرامات وعقوبات سرقة الكهرباء وتطبيق القانون على الجميع لكي لا يكون عندنا حالات
لا يجرؤ موظفو شركات الكهرباء فيها ان يكشفوا على توصيلات بعض المتنفذين كما هو
الحال الان للاسف!
-
تحقيق نتائج مهمة في
محاربة الفساد وتحقيق نجاحات في استعادة اموال بددها او سرقها الفاسدون في ملفات
حولتها هيئة مكافحة الفساد للقضاء او للنواب. على ان تستخدم هذه الاموال المستعادة
في تمويل محطة الغاز المسال في العقبة كاستثمار حيوي للاردن.
بعدها لربما لن نحتاج الى رفع الاسعار. وحتى لو احتجنا الى رفع اسعار
الكهرباء فلن يكون الاستياء الشعبي كبيرا لان ثقة المواطنين بالادارة الحكومية
لهذا الملف تكون قد زادت.
اخيرا نعتب - كاردنيين - على
حكومات متعاقبة لم تكافح سرقة الكهرباء بشكل فعال ولم تخطط لاستمرارية استيراد
الغاز الطبيعي في حال طارىء اصاب خط الغاز المصري.
ليست هناك تعليقات