يتم تداول فرض نسب ضريبة تصاعدية على الشركات بالاردن بشكل واسع هذه الايام ويعتبر مقدمو هذا الاقتراح انه حل عادل ويتواءم مع الدستور الا...
يتم تداول فرض نسب
ضريبة تصاعدية على الشركات بالاردن بشكل واسع هذه الايام ويعتبر مقدمو هذا
الاقتراح انه حل عادل ويتواءم مع الدستور الاردني بخصوص تصاعدية الضريبة. لنبدأ ببعض
الحقائق:
-
الشركات ليسوا
افرادا طبيعيين. الشركات عبارة عن وثائق قانونية تؤطر لعلاقة قانونية بين
المساهمين والموظفين والعملاء والحكومة وتنظم مسير الاموال بينهم.
-
الشركات –التي
هي عبارة عن كتلة اوراق قانونية- لا تدفع الضرائب. من يدفع الضرائب هم اصحاب
ومساهمو الشركات. وهولاء المساهمون قد يكونون اشخاصا طبيعيين اردنيين او اشخاصا
طبيعيين غير اردنيين او شركات اخرى اردنية
وغير اردنية او صناديق تقاعد او حكومات اجنبية او الحكومة الاردنية. بالمحصلة
اصحاب الشركات النهائيين هم من يدفعون ضرائبها. فضرائب الشركات هي عمليا ايضا ضرائب
على الافراد الذين يملكونها.
-
في القطاعات
ذات التنافسية المنخفضة تستطيع الشركات في معظم الوقت تمرير زيادة الضرائب الى
المستهلكين. وفي القطاعات ذات التنافسية العالية تستطيع الشركات في معظم الوقت
تمرير زيادة الضرائب الى موظفيها (بتقليل منافعهم والزيادات السنوية) و اخيرا
مساهميها عندما تقل الارباح الصافية.
-
فرض االضريبة
كنسبة هو ايضا تصاعدي: 14% من 10 مليون هي عشرة اضعاف 14% من مليون. والدستور
يتحدث عن تصاعدية الضريبة ولا يتحدث عن تصاعدية النسب الضريبية. فالنص الدستوري
يقول "على الحكومة ان تاخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكيلف التصاعدي " .
وهنا الاولى عكس تنازلية ضرائب المبيعات والجمرك وليس زيادة تصاعدية ضريبة الدخل
التصاعدية اصلا.
قد تبدو مقترحات عمل شرائح ونسب تصاعدية على الشركات في الاردن منطقية
لكنها تحمل في طياتها بعض التعقديات التي قد تاتي بنتائج عكسية . للننظر في بعضها:
-
تصنيف الشركات
بحسب ارباحها قد يخفي حقائق مهمة عن مدى "غناها". مثال: شركة تربح مليون
دينار سنوي ويملكها اربع اشخاص اثرياء وشركة في نفس القطاع تربح 20 مليون دينار
سنوي لكنها مملوكة لالف مساهم من الطبقة المتوسطى مع حصة للضمان الاجتماعي. اذا
زادت نسبة الضريبة على الشركة ذات الربح الاعلى فعمليا القانون سيكون قد فرض نسبة ضريبة
اعلى على الطبقة المتوسطى والضمان الاجتماعي ونسبة اقل على الاغنياء.
-
رفع النسب
الضريبية بحسب الربح يتجاهل موضوع العائد على راس المال. مثال: مطعم شعبي براس مال
10 الاف دينار ويربح 15 الف دينار سنوي مقابل مطعم خمس نجوم براس مال مليون ويربح نصف
مليون. نسبة الضريبة التصاعدية ستكون اعلى
على المطعم الفاخر مع ان العائد على راس المال هو 50% مقابل عائد على راس المال
150% في المطعم الشعبي.
-
فرض نسب ضريبة
تصاعدية على الشركات سيعاقب الشركات التي تستثمر في النمو والتوسع ويحابي الشركات
الاصغر. والمثال الاهم هنا البنوك: لطالما كانت السياسة الحكومة في الاردن تحث على
اندماج البنوك الصغيرة للحصول على بنوك ذات قاعدة راسمالية اكبر. زيادة نسبة
الضريبة على البنوك الكبيرة مقارنة بالبنوك الصغيرة (قليلة الارباح) هو حافز عكسي
ضد الاندماج وتوسيع راس المال.
-
ستؤطر نسب
الضريبة التصاعدية على الشركات لاساليب تجنب قانونية. مثال: شركة ادوية بثلاث خطوط
انتاج. اذا ارادت التوسع بمصنع وخطوط انتاج جديدة فان وجود تصاعدية نسب الضريبة
على الشركات سيحفزها لانشاء شركة جديدة للمصنع الجديد لتجنب تصاعدية نسب الضريبة
بدلا من انشائه ضمن الشركة الحالية. ونكون قد وضعنا قيودا امام نشوء شركات كبيرة
ذات ربحية عالية.
نسب الضرائب التصاعدية على الشركات غير معمول بها في معظم اقتصاديات الدول
النامية والمتقدمة. ففي اميركا مثلا نسب الضريبة على الشركات تنتفخ في الوسط ليكون
اثرها كالضريبة الثابتة. وفي السويد نسبة ضريبة الدخل على الشركات 26% مقابل نسبة
ضريبة دخل 56% على اعلى شريحة لدخل الافراد. وفي فرنسا اعلى نسبة ضريبة على
الشركات هي 34% - وهي غير تصاعدية مقابل بعض الاعفاءات للشركات الصغيرة - مقابل 46%
لاعلى شريحة على دخل الافراد (حاول الرئيس الفرنسي رفع اعلى شريحة افراد ل 75% ولكن
المحاكم الفرنسية ابطلت قراره).
ولنتذكر انه في السياق الاردني اقل نسبة ضريبة على الشركات في الاردن (شرائحها
بحسب القطاع هي 14% و24% لشركات الااتصالات والتامين والشركات مالية و30% للبنوك) اعلى
من اعلى نسبة على الافراد (شرائحها 0% و7% و14%).
يبقى انه في ظل التهرب الضريبي الواسع في الاردن والاقتصاد غير الرسمي يبقى الحل الاساس هو توسيع القاعدة الضريبية وتقليل التهرب لا العبث بالنسب الضريبية كل سنة او سنتين وتغيير السياسات التي تلخبط المستثمرين وتزيد من حوافز التهرب والتجنب الضريبي. الحل بان يدفع الجميع حصتهم العادلة لا معاقبة من يدفع بامانة بزيادة نسب الضريبة عليه وكاننا نكافىء من يتهرب. كذلك فان قياس تصاعدية الضريبة على الافراد الافضل ان يشمل كافة العبء الضريبي (دخل وجمرك ومبيعات) لا ضريبة الدخل فقط ولنا في تنازلية ضريبة المبيعات مثالا واضحا. مشكلتنا واضحة: تنازلية ضريبة المبيعات والتهرب الضريبي. والشرائح التصاعدية على الشركات ليست الحل.
يبقى انه في ظل التهرب الضريبي الواسع في الاردن والاقتصاد غير الرسمي يبقى الحل الاساس هو توسيع القاعدة الضريبية وتقليل التهرب لا العبث بالنسب الضريبية كل سنة او سنتين وتغيير السياسات التي تلخبط المستثمرين وتزيد من حوافز التهرب والتجنب الضريبي. الحل بان يدفع الجميع حصتهم العادلة لا معاقبة من يدفع بامانة بزيادة نسب الضريبة عليه وكاننا نكافىء من يتهرب. كذلك فان قياس تصاعدية الضريبة على الافراد الافضل ان يشمل كافة العبء الضريبي (دخل وجمرك ومبيعات) لا ضريبة الدخل فقط ولنا في تنازلية ضريبة المبيعات مثالا واضحا. مشكلتنا واضحة: تنازلية ضريبة المبيعات والتهرب الضريبي. والشرائح التصاعدية على الشركات ليست الحل.
ليست هناك تعليقات