برنامج شبكة الالياف الضوئية الوطني: هل يصبح مشغل اتصالات حكومي مع احتكار؟ بدأ برنامج شبكة الألياف الضوئية الوطني في 2003 و...
برنامج شبكة الالياف الضوئية الوطني: هل يصبح مشغل اتصالات حكومي مع احتكار؟
بدأ برنامج شبكة الألياف الضوئية الوطني في 2003 وباكورته كانت شبكة الجامعات التي تربط 8 جامعات حكومية وهي تعمل منذ 30 حزيران 2004 ( الآن أصبحت الشبكة تحت إدارة شركة شبكة الجامعات الأردنية).
وبحسب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فان العام 2014 سيشهد انجاز التالي:
بدأ برنامج شبكة الألياف الضوئية الوطني في 2003 وباكورته كانت شبكة الجامعات التي تربط 8 جامعات حكومية وهي تعمل منذ 30 حزيران 2004 ( الآن أصبحت الشبكة تحت إدارة شركة شبكة الجامعات الأردنية).
وبحسب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فان العام 2014 سيشهد انجاز التالي:
-
البدء بمشروع اســتكمال
شــبكة الألياف الضوئيــة الوطنية لربط المدارس ومديريات التربية و المؤسسات الحكومية
و المستشفيات و المؤسسات الصحيـة فـــي مناطق الكرك ومعان و الطفيلة و عمان والزرقاء
ومأدبا والبلقاء.
-
البدء بمشروع توريد
و تركيب و تشــغيل الأجهزة الخاصة باستكمال
شـبكة الألياف الضوئية الوطنية لربط المدارس ومديريات التربية و المؤسسات الحكومية
و المؤسسات الصحية في مناطق الوسط و الجنوب وفـــي مناطق الشمال المرحلة الثانية.
تلخيصا
يهدف المشروع الى بناء شبكة واسعة من الالياف الضوئية لربط حوالي 5000 جهة حكومية
(من مدارس ومستشفيات ومستوصفات) في الاردن. وفد رصدت الحكومة للمشروع حوالي 150 مليون
دولار بحسب تصريحات من الوزارة. وسيتم تشغيل الشبكة وتقديم الدعم الفني لها عبر
تمويل من الحكومة المركزية بعد ان تختار جهة لادارة هذه الشبكة عبر عطاء.
لا
شك ان الاستثمار في انشاء شبكات الالياف الضوئية في المدن والقرى الاردنية هو
ايجابي يامتياز. فشبكات الالياف الضوئية هي الوسيلة الامثل لتقديم خدمات الانترنت
عالية السرعة والتي تشكل اساس الاقتصاد المعرفي.
لكن
الرؤية الحالية تلغي المنافسة في تقديم خدمات الانترنت ونقل البيانات في القطاع
الحكومي: خمسة الاف مؤسسة حكومية ستكون ملزمة بالحصول على خدمات الاتصالات من هذا
المشغل الحكومي الجديد بدون وجود خيار للاعتماد على مشغلين اخرين مع ما قد يقدمونه
من خيارات وتقنيات مضافة. كذلك فان هذا المشغل الجديد المملوك للحكومة سيولد وهو
ضامن لسوق اسير (من 5000 جهة حكومية) لا تنافسه فيه اي شركة. صحيح ان هذا المشغل
الحكومي الجديد سيكون مدارا من قبل جهة حصلت على حق الادارة بعطاء تنافسي لكن
المشغل نفسه سيتمتع بالاحتكار.
بحجم
استثمار راسمالي نهائي قد يتجاوز 180 مليون دينار ستكون الكلفة التشغيلية السنوية
لادارة الشبكة الحكومية (المشغل الحكومي) ما بين 9 مليون دينار سنويا الى 13 مليون
دينار سنويا (5% الى 7% من حجم الاستثمار). حيث تشمل الكلفة التشغيلية رواتب
الموظفين والكهرباء ومصاريف الصيانة ورسوم تراخيص البرمجيات الخ. وعلى فرض عمر
افتراضي لاجهزة الشبكة ب 15 سنة فان الكلفة السنوية الشاملة لتشغيل الشبكة ستكون
حوالي 23 مليون دينار سنوي.وعليه فان ربط 5000 جهة حكومية بشبكة الالياف الضوئية
سيكلف الحكومة 23 مليون دينار سنويا. وبلا منافسة.
وبما
ان المشغل الحكومي سيكون مدارا وممولا بشكل مركزي من ميزانية الحكومة فان خمسة
الاف مؤسسة حكومية لن تشعر بكلفة ربطها بالانترنت عالي السرعة وستعتبرها مجانية وبنفس
لن يكون لها حق الاعتراض على نوع الخدمة المقدمة لانه لا منافسة في الموضوع. وبنفس
الوقت ان المشغل الحكومي الجديد _المعفي من ضغوطات المنافسة_ سيعفى ايضا من ضغوطات
تقديم الخدمة الافضل. فزبائنه "مجبورون به" وهو "مجبور بهم"! كذلك
بدون اي نوع من المنافسة من يضمن ان يكون المشغل الحكومي الجديد خيارا ذا جدوى
اقتصادية طالما لا نعلم كم سيكلف ربط نفس الجهات الحكومية في سوق تنافسي؟ خصوصا ان
الحكومة (الحالية او حكومات مستقبلية) قد تخضع لاغراءات توظيف موظفين في المشغل
الحكومي لا على اساس الحاجة لهم بل بسبب ضغوطات مختلفة فنصل مرحلة يكون فيها
المشغل الحكومي _المتمتع بالاحتكار والتمويل المضمونين_ بلا اي فعالية اقتصادية.
مرة
اخرى الموضوع ليس فرق بين مشغل حكومي بقطاع عام او مشغل قطاع خاص. الاهم والاساس
هو توفر المنافسة الفاعلة الحقيقية في كل قطاع اقتصادي. وضمان وجود المنافسة
وديمومتها هو من اهم ادوار اي حكومة.
ولان
الاستثمار في شبكات الالياف الضوئية هو شيء ايجابي بالمطلق فلربما تكون المقترحات
التالية هي الطريق نحو تعظيم منافع هذا الاستثمار وتفادي مشاكل الاحتكار:
-
فتح باب
المنافسة لاستخدام شبكة الالياف الضوئية الوطنية لكافة مشغلي شبكات الاتصالات
السلكية والاسلكية بالاردن مقابل دفع ايجار سنوي للحكومة من قبل اي مشغل يرغب
ياستخدامها كجزء من تقديم خدمات الاتصالات الخاصة به. ويكون تحديد الايجار للالياف الضوئية باسلوب
العطاءات التنافسية.
-
فتح باب
المنافسة لخدمة وتوصيل الخمسة الاف مؤسسة حكومية عبر عطاءات تنافسية سنوية لضمانة
ان تكون الكلفة السنوية هي الامثل. مع التفكير بضرورة ان يقدم خدمة الربط اكثر من
مشغل اتصالات لكل جهة حكومية لضمان استمرارية الخدمة ومرونتها.
-
ولا مانع طبعا
ان اصرت الحكومة على وجود مشغل حكومي لشبكة الألياف الضوئية الوطني ان يشارك هذا
المشغل الحكومي في المنافسة لتقديم الخدمة للجهات الحكومية.
ضمان
المنافسة وديمومتها _ مع بقاء 5000 جهة حكومية في ديناميكة السوق التنافسية بدلا
من تسويرهم باحتكار _ افضل من ضمان احتكار لمشغل حكومي ممول مركزيا بلا اي ضغوط
تنافسية.
فلنتذكر:
في قطاع الاتصالات استبدلنا فيه _ كبلد _ احتكار المؤسسة الحكومية بسوق تنافسية بالكامل
فيها استثمارات خارجية مباشرة ومشغلين من القطاع خاص (يتحملون كافة مخاطر الاستثمار
من دون اي ضمانة حكومية). وبسبب المنافسة استفاد المستخدمون من تخفيض اسعار الخدمات
وتعدد الخيارات وانتشار الاستخدام بشكل واسع. واستفادت الخزينة من تحصيلات ضريبية كبيرة.
ولنتذكر: ان الخصخصة في قطاع الاتصالات اتت بالتزامن مع ادخال المنافسة وضمان استمرارية
المنافسة الفاعلة وبلا اي ضمان لربح اي مساهم. لان اساس قصة النجاح هي المنافسة
وديمومتها.
ليست هناك تعليقات