نتائج الفنادق المدرجة في السوق المالي مؤشر دقيق على حال القطاع السياحي. ولهذا قمت بتحليل نتائج سبع شركات مدرجة بالسوق المالي وتم...
نتائج الفنادق المدرجة في السوق المالي مؤشر دقيق على حال القطاع السياحي. ولهذا قمت بتحليل نتائج سبع شركات مدرجة بالسوق المالي وتملك 13 فندقا في عمان والبتراء والعقبة والبحر الميت. في 2014 زاد مجموع ايرادات الفنادق بنسبة 4.5% عن 2013 ليصل الى 143 مليون دينار فيما زادت الارباح التشغيلية بنسبة 6% لتزيد عن 42 مليون دينار. وارتفع هامش الربح التشغيلي الى 30% في 2014 مقابل 29% في 2013. فيما بلغ مجموع الارباح الصافية 10 مليون دينار في 2014 بنسبة نمو 6% عن العام 2013.
لكن
بداية 2015 كانت سيئة لهذه الفنادق. في الربع الاول من 2015 انخفض مجموع ايرادات
الشركات السبعة بنسبة 17% عن الربع الاول في 2014 وانخفضت الارباح التشغيلية بنسبة
كبيرة بلغت 44% مسجلة رقم 4.3 مليون دينار مقابل 8 مليون دينار في الربع الاول من
2014. وانخفض هامش الربح التشغيلي الى 17% في الربع الحالي مقابل 26% في الربع
الاول من 2014.
في
التفاصيل نجد ان كل الفنادق واجهت انخفاضا في العوائد بسبب انخفاض عدد السياح
والزائرين. لكن فنادق عمان لا تزال رابحة مع هوامش ربح تشغيلي تتراوح بين 19% في
الحد الادنى و 65% في الحد الاقصى وبمعدل 32% هامش ربح تشغيلي لفنادق عمان في
الربع الاول من 2015. فيما عانت فنادق البتراء والبحر الميت من تراجع المبيعات
ووسجلت خسائر تشغيلية لمعظمها وانخفاضا حادا في الربح التسغيلي لبعضها.
في
بداية شهر ايار اعلنت الحكومة عن عدة اجراءات هدفها تحفيز القطاع السياحي في
الاردن ومساندته. وشملت الاجراءات الغاء الضريبة الخاصة على الطيران المنتظم الى العقبة
وعمان واعفاء السائح من رسوم التاشيرة شريطة شراء التذكرة الموحدة لدخول المواقع السياحية
والاقامة لمدة ثلاثة ايام في المملكة. كذلك قررت الحكومة تطبيق تعرفة كهرباء القطاع
الصناعي على الفنادق، بدلا من تعرفة كهرباء القطاع التجاري المعمول به حاليا. اي
ان الحكومة خفضت التسعيرة الى النصف ليصير بمعدل 91 فلس للكيلو وات بدلا من معدل
181 فلس للكيلو وات. وتشير توقعات الحكومة ان هذا من شأنه تخفيض فاتورة الفنادق من
الكهرباء بمعدل 28 مليون دينار سنويا.
القرارت
الصائبة هي التي يعول عليها في زيادة جاذبية الاردن للسياح وزيادة اعدادهم. فالغاء
الضريبة الخاصة واعفاء السائح ذي الاقامة الطويلة من رسوم الفيزا شريطة زيارة
الامكان السياحية ستقلل من كلفة القدوم الى الاردن وهي _اذا نجحت_ ستساهم في زيادة
اعداد السياح وومدد اقامتهم مما يساهم حتما في زيادة نسبة اشغال الفنادق في
البتراء والعقبة وعمان وغيرها من المدن السياحية في الاردن وزيادة الانفاق السياحي
لمصلحة القطاع السياحي ككل.
اما
قرار تخفيض سعر الكهرباء فهو خاطىء على اكثر من صعيد. فالقرار لا يعالج المشكلة
الحقيقية في قطاع الفنادق والمتمثلة بانخفاض اعداد السياح القادمين. كذلك هذا
القرار سيفيد الفنادق التي لا تحتاج للمساندة والتحفيز العاجلين على حساب تلك الموجودة
على شفا الانهيار. واخيرا هذا القرار يعمق من التشوه المزمن في اسلوب تسعير
الكهرباء في الاردن.
ان
مشكلة الفنادق في البتراء والبحر الميت حاليا هي الانخفاض الكبير في اعداد السياح.
والفندق الذي يقل عدد نزلاءه يقل استهلاكه من الكهرباء ايضا بنسبة عالية. فكيف
سيفيد تخفيض كلفة الكهرباء لفندق معظم غرفه مطفاءة اصلا واستهلاكه من الكهرباء قل
كثيرا بسبب انخفاض نسبة اشغاله. هذا القرار سيفيد الفنادق التي لا تعاني كثيرا
حاليا بدون تاثير ايجابي ملموس على الفنادق التي تعاني من انخفاض كبير بالعوائد
ونسب الاشغال مع ان مشكلة القطاع الحالية متركزة في هذه الفنادق. الافضل للحكومة
_التي تتحدث دوما عن " توجيه الدعم لمستحقية" _ ان تفكر باسلوب اخر
لتحفيز زيادة السياح في الاردن عموما لمساعدة القطاع السياحي في ازمته الحالية. فبدلا
من خصم 28 مليون دينار من كلفة كهرباء فنادق الاردن (ستسفيد منها اساسا الفنادق
التي لا تواجه ازمة قلة نزلاء) يمكن توجيه بعض من هذه الاموال نحو زيادة التسويق
السياحي للاردن او تقديم منح للفنادق للاستثمار في التقنيات المخفضة لاستهلاك
الطاقة. وبهذا يستفيد القطاع السياحي ككل لا فنادق معينة لا تزال تسجل ارباحا
تشغيلية عالية نسبيا.
اما
عن التشوه التسعيري فان قرار التخفيض يجعل كهرباء الفنادق تباع باقل من سعر الكلفة
الحالية بنسبة 30% فيما كانت الفنادق تدفع تسعيره اعلى من الكلفة بمعدل 39%. وكلا
التسعيرتان مشوهتان ومشوهتان (بكسر وفتح الواو) خصوصا ان التسعيرة الجديدة تجعل
سعر الكهرباء للفنادق حوالي ثلث تسعيرة الكهرباء للمستشفى والمدرسة والمسجد
والكنيسة والنادي الاجتماعي. وكذلك فان كهرباء الفنادق صارت اقل من نصف سعر كهرباء
المطاعم وباقي المنشاءات السياحية والقطاع التجاري. فباي منطق يدفع المطعم السياحي
والبقالة الصغيره ضعف سعر الفنادق للكهرباء ويدفع المستشفى اكثر من ثلاثة اضعاف ما
تدفعه الفنادق؟
الاجدر ان تركز الحكومة على الاجراءات التي تزيد من استقطاب السياح الى
الاردن بدلا من تعميق تشوهات سعر الكهرباء. مع التشديد ان الوضع الحالي بتسعير
الكهرباء مشوه للغاية اصلا: ولربما تتمعن الحكومة بامكانية توحيد اسعار القطاعات
التجارية كافة لتصبح بسعر الكلفة الحقيقية. اي حوالي 130 الى 140 فلسا للكيلوات
حاليا. مع فرض ضريبة واضحة مقطوعة على الكيلوات على الاستهلاك الاعلى من 2000
كيلوات مثلا وضريبة اعلى لكل كيلو وات فوق
استهلاك 10 الاف كيلووات شهريا مثلا. فبهذا تسترد الكلفة وتوقف الخسائر وتشجع
على ترشيد الاستهلاك.
اما
في السياحة فان تخفيض الكهرباء لن يجلب مزيدا من السياح!
ليست هناك تعليقات