نشر في صحيفة الفد يوم 23 كانون الثاني 2019 750 دينار شهريا كلفة كل سجين في مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن. هذا الرقم تكر...
نشر في صحيفة الفد يوم 23 كانون الثاني 2019
750 دينار شهريا كلفة كل سجين في مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن. هذا
الرقم تكرر كثيرا في مناقشات العفو العام كسبب اخر للتوسع في العفو العام من منظور
توفير النفقات على الخزينة. بوجود ما يزيد عن 17500 سجين في الأردن يستنتج ان
الكلفة الاجمالية السنوية تبلغ 157 مليون دينار ونصف.
بداية انا ضد العفو العام الذي يساوي بين النزيل الذي قضى جزءا كبيرا من
محكوميته في السجن وبين المجرم الفار من وجه العدالة الذي لم يبد ندما ولم يقض
يوما في السجن. وأتمنى لو ان الاهتمام ينصب على التأهيل والإصلاح وإخراج السجناء
اللذين أبدوا الندم وقضوا جزءا من العقوبة وحصلوا على صلح واسقاط للحقوق الشخصية
من اللذين أجرموا بحقهم. بمعنى اخر لربما كان الأفضل جملة كبيره من قرارات العفو الخاص
_حالة بحالة _ لا عفو عاما لا يميز بين من ندم واستقام وبين من بقي على اجرامه. بحيث
يقتصر أي عفو عام على القضايا ذات الصبغة السياسية وقضايا الراي والتعبير. وعلى
هامش العفو لربما يجب ان يطلب من أي نائب او عين يصوت على مشروع قانون للعفو العام
الكشف عن أية قضايا عليه والامتناع عن التصويت على أية بنود في العفو تحقق له او
لعائلته منافع شخصية. فالأصل ان التشريع للمصلحة العامة لا الخاصة.
عود على بدء في موضوع كلفة السجون. ركز من روجوا لعفو عام واسع على الفائدة
المالية من العفو بتخفيف كلفة المساجين وكرروا رقم الكلفة الشهرية بواقع 750 دينار
وهو الرقم الذي استوقفني أكثر من مرة وحاولت الوصول الى تفاصيل الدراسة التي خرجت
بهذا الرقم بدون جدوى. وعليه طبقت عليه اختبار "العقلانية والمنطقية"
لتمحيصه:
في الأردن وبحسب مسوحات وأرقام دائرة الإحصاءات العامة فان 47% من الاسر
الأردنية يبلغ معدل دخلها 352 دينار شهريا (70 دينار للفرد). فهل يعقل ان تكون
كلفة السجين الواحد في الأردن أكثر من عشرة اضعاف دخل الفرد لنصف سكان الأردن؟ وبين
نفس المسح ان 85% من الاسر في الأردن دخلهم اقل من 825 دينار شهريا (107 دنانير
للفرد). فهل يعقل ان تكون كلفة السجين الواحد في الأردن أكثر من سبعة اضعاف دخل
الفرد ل 85% من الاردنيين؟
عدت وطبقت مقارنة ثانية مع نفقات وزارة التربية والتعليم المسؤولة عن
مليونين من الطلاب في كل مدارس الأردن. بلغ اجمالي نفقات الوزارة في 2018 _بحسب
ارقام الميزانية الرسمية _ 905 مليون دينار شاملا النفقات الجارية والرأسمالية. أي
ان كل طالب يكلف الوزارة 452 دينار سنويا (37 دينار شهريا). فهل يعقل ان تكون كلفة
السجين 20 صعف
كلفة تعليم الطلاب في المدارس الحكومية مع الاخذ بعين الاعتبار كوادر المدارس
الكبيرة من معلمين ومشرفين وإداريين ونفقات صيانة الاف المدارس؟
تمحصت أكثر في
الميزانية وخصوصا ميزانية الامن العام. وتبين ان بند "ارزاق السجون" بلغ
خمسة ملايين و750 ألف دينار في 2018. وعليه تكون الكلف المباشرة لنزلاء السجون 328
دينار سنويا لكل نزيل (اي 27 دينار شهريا). طبعا هناك نفقات رواتب الجهاز
واستهلاكات المباني والاليات وصيانتها وغيرها من النفقات الإدارية. لكن هل تصل كل
هذه الى 26 ضعف الكلفة المباشرة؟ والاهم ان النفقات الثابتة في السجون (كرواتب
مرتبات الامن العام وادامة المباني وصيانتها وغيرها) على الاغلب ستبقى ثابتة سواء
كان السجن فيه مائة نزيل او ألف؟
بانتظار نشر تفاصيل الدراسة كاملة اعتقد ان كلفة النزيل قد تكون 750 دينار
سنويا لا شهريا. وان ثمة خطا في نقل المعلومة تلقفه البعض بدون تمحيص لأنه يناسب
ما يدعون اليه. يا حبذا لو تنشر الحكومة _عبر احدى منصاتها الجديدة! _ تفاصيل
دقيقة ليكون الجميع على بينة. ونعود ونذكر ان البعض استخدم حجة تخفيف كلفة السجون
للدفع بالعفو العام متناسين ان العفو العام يشمل عفوا عن الهاربين من وجه العدالة
وعن كل مجرم لم تكتشف جريمته بعد.
أخيرا علق وزير مالية سابق على ذات الموضوع على تويتر بالتالي وانقله هنا حرفيا:"اللي تقوله صحيح. وال ٧٥٠ مش معروف كيف انحسبت. بعدين على هذه الحسبة، كلفة السجناء السنوية
٢٠٠ مليون، يعني ٠،٧٪ من الناتج المحلي الإجمالي و٣٥٪ من موازنة الأمن العام
الفعلية."
ليست هناك تعليقات