قراءة في نتائج صندوق استثمار الضمان وأسباب ودلالات الانخفاض الطفيف بموجوداته. نشر في صحيفة الغد يوم 5 اب 2020 نشر صندوق استثم...
قراءة في نتائج صندوق استثمار الضمان وأسباب ودلالات الانخفاض الطفيف بموجوداته.
نشر في صحيفة الغد يوم 5 اب 2020
نشر صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي نتائجه للفترة المنتهية بتاريخ
30 حزيران 2020. وتظهر النتائج انخفاضا طفيفا بقيمة 32 مليون دينار لتصل الموجودات
الى 10965 مليون دينار مقابل 10997 مليون في نهاية 2019. فيما بلغت موجودات
الصندوق 10905 مليون في أيلول 2019 و10191 مليون في نهاية 2018.
هناك ثلاثة عوامل أساسية في هذا الانخفاض الطفيف: أهمها انخفاض تقييم محفظة
الأسهم بحوالي 314 مليون دينار بسبب هبوط أسعار الكثير من الاسهم في سوق عمان
المالي. يليها انخفاض الدخل النقدي للصندوق الى 251 مليون دينار اتى جلها من
الفوائد على السندات والودائع. ثم تأثير سحوبات توفير التعطل عن العمل التي يتوقع
ان تكون تجاوزت الثمانين مليون دينار في 2020 بحسب تصريحات الصندوق.
الدخل الشامل للصندوق (والذي يشمل خسائر تقييم محفظة الأسهم) كان سالبا
بحوالي 63 مليون دينار أي بنسبة سالب 0.6%. فيما بلغ الفائض التأميني (وهو الفرق
بين الاقتطاعات والرواتب والتعويضات التقاعدية) تقديرا
حوالي 111 مليون دينار. وما بين دخل الصندوق من السندات والفائض التأميني زاد
مستوى النقد والسندات في الصندوق بقيمة 288 مليون دينار ليشكلا 67% من موجودات
الصندوق. واستخدم الباقي في زيادة استثمارات الضمان العقارية بقيمة 49 مليون دينار
وزيادة محفظة القروض 31 مليون دينار.
على فرض ثبات أسعار الأسهم في سوق عمان المالي قد يبلغ الدخل الشامل
للصندوق مع نهاية 2020 حوالي اربعمائة مليون دينار سياتي اغلبها من عوائد السندات
والودائع. بنسبة نمو 3.75% تقريبا. وهو عائد قريب من عوائد 2019 ويبقى اقل من معدل
ما تدفعه الحكومة على سندات الحزينة الأردنية وأدوات الدين العام. والسبب الجوهري
الأساسي يبقى التدني المزمن والمستمر في محفظة الأسهم المملوكة للضمان الاجتماعي
في سوق عمان المالي. مما يؤكد الحاجة الملحة لمعالجة ضعف السيولة في سوق عمان
المالي وقلة جاذبيته. وحتما فان اغلاق السوق لمدة طويلة بسبب الجائحة لم يزد من
جاذبيته.
فيما يخص الفائض التأميني للضمان الاجتماع فهو مرتبط ارتباطا وثيقا بقاعدة المؤمن
عليهم الفاعلين في الضمان الاجتماعي والتي باتت تسجل نموا متباطئا في السنوات
الاخيرة. ففي الوقت الذي زادت فيه قاعدة المؤمن عليهم بالضمان الاجتماعي بمعدل 58 ألف
شخص سنويا بين 2013 و2017 انخفض المعدل السنوي للزيادة الى 20 الف شخص بين 2018
ونيسان 2020. ويشمل هذا المعدل زيادة ال
14 الف مشترك بسبب امر الدفاع رقم 9 لغاية نيسان 2020. بدون هذه الزيادة بسبب امر
الدفاع رقم 9 كان معدل الزيادة السنوية في 2019 و2018 16600 شخص سنويا.
ما تعنيه هذه الأرقام ان قدرة الاقتصاد الأردني على خلق فرص عمل جديدة في
الاقتصاد الرسمي قد تعرضت لهزة كبيرة في 2018 و2019 لتاتي 2020 وتزيد من المشكلة. فبدون
حساب المؤمن عليهم الجدد للاستفادة من امر الدفاع 9 كانت الزيادة في اعداد المؤمن
عليهم بين تشرين الثاني 2019 ونيسان 2020 أربعة الاف شخص فقط. بمعدل نمو سنوي اقل
من عشرة الاف.
كذلك فان الفائض التأميني سيقل في 2020 بسبب قرار حصيف للضمان الاجتماعي
والمتمثل بتقليل نسب الاقتطاعات الشهرية للعديد من الشركات والافراد لدعم وضعهم
المالي اثناء الجائحة. حيث تشير ارقام المؤسسة ان تخفيف هذه الاقتطاعات رفد السوق
المحلي بسيولة إضافية تجاوزت 120 مليون دينار في أشهر اذار ونيسان وايار ساهمت
حتما في تقليل اثر الجائحة على القطاع الخاص.
الفائض التأميني وعدد المؤمن عليهم الفاعلين رقمان مهمان للغاية لقياس صحة
سوق العمل في الأردن ولتبيان تأثير الجائحة على البطالة والعمالة ربما بدقة أكبر
من مسح البطالة. ويجب على صناع القرار الاقتصادي تحليل الأرقام الشهرية بعناية
فائقة. ففي هذه الظروف العصيبة سيختار كثيرون ممن يستحقون التقاعد المبكر هذا
الخيار بدلا من التصادم مع شركات باتت غير قادرة على دفع الرواتب بانتظام خصوصا مع
تعطيل أوامر الدفاع لبنود مهمة من قانون العمل وقانون الضمان فيما يتعلق بالتعطل
عن العمل. فغالبية شركات الأردن شركات صغيرة ومتوسطة: 71% منها لا يزيد عدد
موظفيها عن أربعة و20% عدد موظفيها بين خمسة وتسعة عشر. شركات صغيرة كهذه غالبا لن
يكون لديها احتياطيات نقدية كبيرة. على العكس فان أي ربح سابق لها سيكون قد ذهب لسداد
التزامات عائلة صاحب الشركة من نفقات معيشة وأقساط مدارس واقساط قرض البيت وغيره.
في ملف البطالة تحدث دولة الرئيس في لقاء مع منتدى الاستراتيجيات الأردني
وشرح منظور الحكومة لأوامر الدفاع بان الادبيات الاقتصادية تقول ان الانكماش
الاقتصادي الذي يأتي مع ارتفاع قليل نسبيا في البطالة ينتهي بوقت أسرع من الانكماش
الاقتصادي الذي يأتي مع ارتفاع كبير في نسب البطالة. وعليه قررت الحكومة تعطيل
قانون العمل لتمنع زيادة نسب البطالة وقررت كذلك وقف بنود التعطل عن العمل في
قانون الضمان.
كما اسلفت سابقا فان المشكلة بهذا الطرح انه يخلط ما بين النتيجة والسبب.
من الطبيعي ان عدم ارتفاع نسب البطالة في سياق انكماش اقتصادي سيساهم في تعافي
أسرع للاقتصاد. والاستنتاج المنطقي هنا ان الانكماش الذي لم يرفع نسب البطالة بشكل
كبير هو أصلا انكماش أخف من ذلك الذي يتسبب ببطالة اعلى. وبالتالي فان سياسة تقليل
مرونة سوق العمل يكون نوعا من وضع العربة امام الحصان. فالتركيز على منع زيادة
البطالة بأسلوب اصطناعي يعالج العارض لا المرض. وقد يزيد من شدة المرض بسبب تكبيل
الشركات المتأثرة وحرمانها من القيام بما يلزم للتعافي والبقاء.
اتوقع اننا سنرى زيادة في التوجه نحو التقاعد المبكر لكثيرين ممن استوفوا
شروطه في 2020 وما بعدها.
والحل يبقى في التحفيز المالي الكبير للاقتصاد والعودة الى قوانين العمل
والضمان والشركات وهي قوانين راسخة تشريعيا وقانونيا.
اي راي هو الراي الصواب؟ لنتابع ارقام مشتركي الضمان والمتقاعدين شهريا في
2020 ونرى.
ليست هناك تعليقات