هل واجهنا كورونا بسياسات مستندة الى حقائق؟ نشرت في الغد يوم 14 شباط 2021 افاد وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات في محاضرة له في مؤسسة شوم...
هل واجهنا كورونا بسياسات مستندة الى حقائق؟
نشرت في الغد يوم 14 شباط 2021
افاد وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات في محاضرة له في مؤسسة شومان ان دراسات دم عشوائية للوزارة بينت إصابة 10% من الأردنيين بالكوفيد_19 مع حلول شهر تشرين اول 2020 ارتفاعا من 3 بالألف في اذار 2020. وارتفع الرقم الى 30% في شهر كانون اول 2020 بحسب دراسات دم أحدث افصح عنها الدكتور عزمي محافظة في محاضرة لنادي خريجي الجامعة الأميركية وارتفع الرقم الى 35% في بداية كانون ثاني 2021 بحسب تصريحات لوزير الصحة في لقاء مع صحفيين وقادة راي.
مع وفيات تجاوزت 4400 في الأردن _رحمهم الله_ يمكن ان نستنتج ان نسبة الوفيات في الأردن حوالي 1 لكل ألف إصابة فعلية. أي ان نسبة وفيات الكوفيد_19 في الأردن تبلغ اقل من ربع الوفيات في اميركا وهو ما يتلاءم مع حقيقة ان نسبة كبار السن فوق 65 في الأردن حوالي ربع النسبة هناك. مع تركزها عندنا في فئة 65 الى 80 فيما هنالك اعداد عالية نسبيا لمن تجاوز الثمانين في اميركا. حيث يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة 330 مليون انسان يشكل كبار السن فوق ال 65 سنة 16.5% من مجمل السكان. في الأردن يبلغ عدد السكان 10 ملايين ونصف ويشكل كبار السن فوق ال 65 سنة 4% من مجمل السكان. بحسب موقع www.populationpyramid.net
هنا نؤكد ان جائحة الكوفيد_19 حقا خطيرة وعلى عكس ما يقوله كثير من المشككين هي ليست كالإنفلونزا ابدا مع التسليم ان الأنفلونزا تقتل أيضا. بحسب دراسات مركز منع الامراض والسيطرة عليها الأميركي CDC وهو المؤسسة الفيدرالية المسؤولة عن الاستجابة لكل الأوبئة والامراض في الولايات المتحدة فان الانفلونزا قتلت 61 ألف شخص في موسم 2017\2018 و34 ألف في موسم 2018\2019 و22 الف في موسم 2019\2020. قبل جائحة كورونا في سنة 2018 و2019 يقدر المركز ان الانفلونزا اصابت 36 مليون شخص في اميركا وتسببت بوفاة 34 ألف شخص. أي بنسبة وفاه 1 لكل ألف إصابة. مصدر رقم 1
مركز CDC قدر كذلك عبء وباء الكوفيد_19 على اميركا. ما بين شباط 2020 الى نهاية 2020 يقدر المركز ان 83.1 مليون شخص في اميركا قد أصيب بالكوفيد_19 منهم 70.4 مليون ظهرت عليهم اعراض فيما احتاج 4.1 مليون منهم عناية بالمستشفى. أي ان المركز يقول ان _مع نهاية 2020_ مقابل كل حالة مكتشفة كان هناك حوالي أربع حالات إصابة فعلية لم تكتشف او تشخص. مصدر رقم 2
في اميركا توفي حوالي 400 ألف مريض كوفيد_19 _رحمهم الله_ في 2020 أي نسبة الوفاة في هذا الوباء بلغت في اميركا حوالي خمس وفيات لكل ألف إصابة فعلية.
لكل من يشكك بخطورة الوباء الحالي لاحظ التالي: في اميركا في موسم 2018 \ 2019 وقبل أي تباعد اجتماعي واي اغلاق وفي ظل حياة طبيعية تماما اصابت الأنفلونزا 36 مليون شخص بينما أصاب الكوفيد_19 83 مليون شخص في 2020 على الرغم من الاغلاقات العديدة وإجراءات التباعد الاجتماعي وانخفاض السفر وغيره. والوفيات الناتجة عن الكوفيد_19 كانت عشرة اضعاف وفيات الانفلونزا. أي ان الكورونا أكثر عدوى بكثير ونسبة وفياتها خمسة اضعاف نسبة وفيات الأنفلونزا في السنة السابقة. وكل هذا تأكد أيضا بأرقام الوفيات الزائدة عن المتوقع التي سجلت في 2020.
ارقام CDC تظهر كذلك ان إصابات الأطفال تحت سن 17 بلغت 22% من اجمالي الإصابات الفعلية فيما شكلت فقط 3% من اجمالي الحالات التي احتاجت الى عناية طبية في مستشفى. فيما شكلت الإصابات بين الاعمار الأكبر من سن الخمسين 28% من مجمل الإصابات وشكلت 71% من اجمالي الحالات التي احتاجت الى مستشفى. تحديدا شكلت الإصابات بين الأكبر من 65 عاما 11% من الإصابات و46% من مجمل من احتاج الى مستشفى.
وتبين الأرقام أيضا ان وفيات الفئة العمرية تحت 17 سنة شكلت اقل من 1 بالألف من مجمل الوفيات. مما يعني ان نسبة الوفيات من الكوفيد_19 للفئة العمرية تحت 17 سنة اقل من 2 لكل مائة ألف إصابة فعلية. ذات الأرقام تبين ان الوفيات للأعمار ما فوق 65 سنة شكلت 81% من اجمالي الوفيات. أي ان نسبة الوفاة من الكوفيد_19 للفئة العمرية فوق ال 65 سنة حوالي 3544 وفاة لكل مائة ألف إصابة فعلية.
في الوقت الذي كنا نعلم فيه ان احتمال الوفاة من الكوفيد اللعين لدى كبار السن 1750 ضعف احتمال الوفاة عند الأطفال ماذا فعلنا بالأردن؟ أغلقنا المدارس منذ أيلول لكن نظمنا الانتخابات التي تستوجب اختلاط كبار السن المستمر في المقار الانتخابية لمدة شهرين وأهملنا الإجراءات الاحترازية. والنتيجة ان وفيات الأردن الاجمالية في شهر تشرين اول وتشرين الثاني وكانون اول 2020 بلغت 12160 وفاة مقابل 7303 وفاة في نفس الفترة 2019. أي بزيادة 4853 وفاة بنسبة 66%. وكانت زيادة الوفيات في شهر الانتخابات تشرين الثاني 2020 لوحدها بنسبة 120% عن نفس الشهر في 2019. فيما زادت كل وفيات 2020 عن 2019 بنسبة 16% واجمالي زيادة 4560 وفاة. مصدر الأرقام خبر في إذاعة هلا اخبار. مصدر 3
في بداية الجائحة خرجت الحكومة تبرر الاغلاق العام القاسي بخوفها من نسبة وفاة للوباء تصل الى 2% من كل الإصابات. بعد مرور عام على الوباء وما نعرفه عنه الان لا بد من التعامل بواقعية جديدة تأخذ بالحسبان الخصوصية الأردنية لتتقرر سياسة وبائية تعتمد على الحقائق المعروفة الان. فالإجراءات الاحترازية في بلد عدد كبار السن فيه 4% ستختلف حتما عن إجراءات لدول يشكل فيها كبار السن اكثر من ربع او ثلث السكان.
ولابد هنا ان نطلب من المسؤولين التواضع والاعتراف بإخفاق بعض السياسات. وهنا يحضرني ان لجنة الأوبئة في الأردن لم تنبهنا في خريف 2019 الى ازدياد حالات الوفاة ولم تطلب أي إجراءات احترازية ولم تشرح لنا الأسباب والتي ربما كانت بسبب موسم انفلونزا سيء للغاية. فقد وصلت الزيادة في وفيات خريف 2019 الى حوالي نصف وفيات الكوفيد في كل 2020. حيث بينت أرقام دائرة الاحوال المدنية ارتفاعا في وفيات 2019 عن 2018 بنسبة 8% تقريبا (2017 وفاة). وتظهر ارقامها ان أشهر خريف 2019 (أيلول وتشرين اول وتشرين ثاني) شهدت ارتفاعا كبيرا في الوفيات بنسب 22% و33% و30% على التوالي. تظهر الأرقام أيضا ان أشهر أيلول وتشرين اول وتشرين ثاني وكانون اول 2019 حصلت فيهم 38% من كل وفيات 2019 مقابل 34% لذات الأشهر في 2018 أي زيادة الوفيات ب 1856 حالة وفاة.
وقد تكون المقترحات التالية مفيدة في السياق الأردني:
- توفير المطاعيم وبأسرع وقت لأكبر عدد ممكن من كبار السن فوق الستين عاما.
- توعية كبار السن بضرورة التباعد الاجتماعي الحقيقي بما يشمل عدم دخول الأماكن العامة المغلقة وأيضا مراعاة عدم حضن او تقبيل احفادهم واولادهم. والالتزام بالكمامة والتهوية المستمرة داخل منازلهم.
- في أماكن الخطورة النسبية كالمكاتب الحكومية المكتظة وقاعات النوادي الرياضية والمسابح المغلقة منع دخول من هو أكبر من ستين سنة مثلا الا بشهادة مطعوم.
- السماح للموظفين كبار السن بالعمل عن بعد وضمان وظيفتهم.
- في المدارس إبقاء الخيار لمن يرغب من الأهالي للتعليم عن بعد لكن العودة للتعليم الوجاهي بعد ان ظهر بشكل جلي ان لا خطر على صغار السن الاصحاء. وربما هنا يجب التركيز ان يقوم بالتعليم الوجاهي المعلمون والمعلمات تحت سن 45 مثلا والسماح لكبار السن من الإداريين والمعلمين بالعمل عن بعد. فيما يخص الأطفال ذوي المناعة المنخفضة او الامراض المزمنة يكون التعليم عن بعد الزاميا.
- في ذات الوقت فتح كافة القطاعات الاقتصادية بضوابط واضحة وحملات توعية تركز على أهمية التباعد والتهوية الحقيقية وكل الإجراءات الاحترازية اللازمة.
- ربط أي اغلاق واسع حصرا بقدرة الجهاز الصحي على متابعة الإصابات بنجاعة.
مصدر رقم 1
https://www.cdc.gov/flu/about/burden/index.html?web=1&wdLOR=c401D542D-A066-4ABE-B4F7-2664E3A7472D
مصدر رقم 2
https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/cases-updates/burden.html
مصدر رقم 3
ليست هناك تعليقات