HIDE
TRUE
RTL
{fbt_classic_header}

القطوف الدانية في تحفيز النمو الاقتصادي: مطار ماركا مثالا

  القطوف الدانية في تحفيز النمو الاقتصادي: مطار ماركا مثالا.   جواد جلال عباسي   نشر في صحيفة الغد يوم 26 كانون الثاني 2025 في الوقت ...

 

القطوف الدانية في تحفيز النمو الاقتصادي: مطار ماركا مثالا.  

جواد جلال عباسي 

نشر في صحيفة الغد يوم 26 كانون الثاني 2025

في الوقت الذي تركز فيه الحكومة على رؤية التحديث الاقتصادي بالتعاون مع القطاع الخاص لابد من التذكير ان تعاون الحكومة مع القطاع الخاص يجب ان يكون في سياق ضمان وجود المنافسة الحقيقية في جميع القطاعات الاقتصادية التي تقبل المنافسة. كي لا نقع في فخ حماية وتأطير اية احتكارات تحت غطاء كلمة "الشراكة" بين القطاع العام والخاص.

هنالك برأيي عدة قطوف دانية في الاقتصاد الأردني يمكن من خلالها تفعيل منافسة حقيقية فاعلة تساهم في رفع كفاءة الاقتصاد وتنافسيته. ومنها على سبيل المثال لا الحصر مطار عمان المدني في ماركا.

نأمل بان تكون سنة 2025 سنة انتعاش مجدد للسياحة الاوروبية الى الأردن الى ما كانت عليه سنة 2023 وهي سنة قياسية. ولضمان أفضل النتائج من السياحة الوافدة لا بد من إعادة المنافسة الى قطاع المطارات الأردني ليعود كما كان قبل سنة 2007 بوجود مطارين عاملين في عمان.

للتذكير عندما وقعت الحكومة اتفاقية شراكة المطار في 2007 والذي تم بأسلوب بناء تشغيل ونقل لمدة 25 سنة وضعت _للأسف_ بعض الشروط الاحتكارية في الاتفاقية منها:

-         احتكار النقل الجوي المدني في عمان لمطار الملكة علياء حتى وصول عدد المسافرين الى 8 ملايين سنويا. وهذ ما تسبب بإغلاق مطار عمان المدني (ماركا) امام الطيران العارض والمنخفض الكلفة ليومنا هذا.

-         رفع رسوم استخدام المطار كل 3 سنوات بنسبة التضخم الرسمية في الأردن بغض النظر عن كلفة المطار نفسه. أي فرض تسعير احتكاري متصاعد.

وبعد 13 سنة على افتتاح مبنى المطار الجديد لا زالت هيئة تشجيع السياحة تصرح بان مطار الملكة علياء يعتبر من أغلى المطارات في العالم واغلى مطار في الشرق الاوسط. وهي ذاتها تصرف عشرات الملايين لتدعم قدوم شركات الطيران منخفض الكلفة الى الأردن.

يذكر ان حصة الحكومة من إيرادات مطار الملكة علياء بلغت 123 مليون دينار اردني في 2023 أي ان إيرادات المطار كاملة بلغت حوالي 223 مليون دينار ومر به تسعة ملايين و 200 الف مسافر في تلك السنة: أي معدل ايراد لكل مسافر حوالي 24 دينارا بدون حساب الضرائب الحكومية ورسم التأشيرات.

الحل بسيط وسهل: إعادة فتح مطار عمان المدني بأسرع وقت ليكون هناك خيارين امام شركات الطيران والذي سيكون له تأثير إيجابي على كلف الطيران الجوي القادم الى الأردن. كذلك يفيد إعادة فتح مطار عمان المدني بتوفير مطار رديف في حالة الحالات الجوية التي تستوجب تحويل الطيران من مطار الملكة علياء.

تدير مطار عمان المدني شركة المطارات الأردنية والتي تملك شركة الملكية الأردنية 90% منها فيما تملك شركة ادارة الاستثمارات الحكومية 10%. وبحسب بيان صحفي شركة المطارات الأردنية في تشرين الأول 2023 فان المرحلة الأولى من مشروع اعادة تأهيل الجانب الجوي "منطقة امان نهاية المدرج" انتهت وبدء "بمرحلة التحضيرات للمرحلة الثانية والخاصة بردم الوادي".

جذر المشكلة الحالية في كون مطار الملكة علياء الاغلى إقليميا كان التوقيع على بند الاحتكار والتسعير الاحتكاري! والحل الجذري أيضا سيكون في فتح المنافسة من جديد بأسرع وقت ممكن خصوصا وان شروط الاحتكار انتهت. وعليه يجب على جميع المهتمين في قطاع النقل الجوي والسياحة التركيز على أولوية وطنية امام صانعي السياسات العامة في الأردن وهي ضمان المنافسة في قطاع النقل الجوي عبر الخطوات التالية:

-         اعادة تأهيل وفتح مطار ماركا امام الطيران المدني بأسرع وقت ممكن. وان كانت المشكلة توفير 25 مليون دينار بحسب تقدير الشركة مطلوبة لإتمام التأهيل فربما يكون صندوق استثمار الضمان الاجتماعي شريكا مثاليا في شركة المطارات الأردنية بحيث يضخ الاستثمار المطلوب مقابل حصة عادلة في الشركة. فمؤسسة الضمان الاجتماعي أيضا تملك استثمارات عقارية سياحية كبيرة ولها مصلحة أساسية في ازدهار قطاع السياحة الأردني. كذلك ربما تساهم هيئة تنشيط السياحة في التمويل لتوفر خيارا جديدا لشركات الطيران المنخفض التكاليف يأتي عبره مئات الالاف من السياح. ولاحقا تستخدم هيئة تنشيط السياحة ميزانيتها لتروج للسياحة في الأردن عبر جميع مطاراته المدنية: مطار الملكة علياء ومطار عمان المدني ومطار الملك حسين في العقبة.

 

-         وكون مطار عمان المدني في ماركا قريب جدا من وسط البلد ومن محطة الباص السريع فان إعادة تشغيله سيكون مثاليا للسياح القادمين عير الطيران منخفض الكلفة واللذين يفضلون عادة الإقامة في عمان القديمة. فيمكن ربط مطار عمان المدني بباصات مكوكية مع محطة الباص السريع بحيث يمكن لسكان الزرقاء وعمان الوصول للمطار بكلفة منخفضة وسهولة نسبية.

 

بحسب مطلعين فان شركة المطارات الأردنية مهتمة جدا بعمل كل ما يلزم لإعادة فتح مطار عمان المدني وأيضا تطوير الأراضي التي تملكها حول مطار الملكة علياء الدولي لمنفعة جميع الاطراف. ولذلك يجب على الحكومة العمل على تذليل أي عقبات قد تواجه أيا من هاتين الخطتين. فاعادة فتح مطار عمان المدني أولوية اقتصادية للأردن حدوثها يضمن التنافس بين مطارين في الأسعار والخدمات ويزيد حتما من جاذبية فتح خطوط جوية جديدة تربط الأردن مع دول السياحة الوافدة. وتطوير الأراضي حول مطار الملكة علياء أيضا يزيد من أهميته وهو المطار الأكبر والاساسي في الاردن.

في قانون الموازنة لسنة 2025 تقول شركة المطارات الأردنية صراحة ان ﻗﺮﺍﺭ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻓﻲ 2017/11/7 ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻤﻌﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻣﻄﺎﺭ ﻋﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ، ﺣﻴﺚ ﺃﺩﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﺨﻔﺎﺽ ﺣﺎﺩ ﻭﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﻭﺃﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ ﻛﺎﻣﻞ، ﻭﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺣﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻭﻣﺸﻐﻠﻴﻦ ﻃﻴﺮﺍﻥ ﺟﺪﺩ ﻟﻤﻄﺎﺭ ﻋﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ، ﻋﻠﻤﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻗﺪ ﺃﺧﻠﻮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﻄﺎﺭ ﻋﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ.

أساس المشكلة الاحتكار والحل الجذري يكمن في ضمان المنافسة الفاعلة. وما على الحكومة بعد إعادة تشغيل مطار عمان المدني الا ان تأخذ نفس الرسوم والضرائب عن كل مسافر كالتي تأخذها من مطار الملكة علياء. ودون ذلك يتنافس المطاران في نوعية الخدمة والسوق الحرة والاسعار المقدمة لشركات الطيران والطيران الخاص والعارض.

ليست هناك تعليقات